الموسيقى والغناء
الحمد لله رب العالمين , الحمد لله فاطر السماوات والأراضين , الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه ولعظيم سلطانه , الحمد لله كما ينبغي لجزيل فضله ولجميل إحسانه والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين , محمد بن عبد الله الصادق الأمين , ومن يعرف بصدق في صباه يصدق عند سن الأربعين
ثم أما بعد
فالغناء آفة أي آفة وطامة أي طامة هو داء عضال أصاب قلب الأمة فأوهنه و أصاب شبابها فأقعده استشرى كالسرطان في جسد المريض فما أبقى به عضوا إلا وله أنين وما أبقى له حركة إلا ولها ألم , صرت لا تجد بيتا من بيوت المسلمين إلا وبه صورة لمطرب و مطربة أو به شريط لمغني او مغنية إلا من رحم الله صار هؤلاء الساقطون هم مدار حديث الشباب والفتيات في المجالس والمنتديات بل وصاروا قدوة لكثير من الشباب في زمن قل فيه الناصح والموجه الأمين فإلى هؤلاء حديثي كلمة من أخ أو ابن لكم معذرة إلى ربكم ولعلكم تنتهون
1 – لماذا الغناء ؟؟
سؤال إلى كل من يستمع الغناء يمضي فيه الساعات والأيام ساهيا لاهيا ...
لماذا تستمع إلى الغناء ؟؟
ما هي الفائدة التي تعود عليك من هذا السماع ؟؟
سيقول قائل : أقتل الوقت
فنقول : عجبا لك وهل تدري كم عمرك لتقتل منه ساعات وأيام وتضيعها؟
" نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ "
فإذا كان لديك وقت فراغ فلماذا لا تشغله بما يقربك من الله
تعلم شيئا عن دينك إقرأ شيئا من المصحف الذي اشتكى من كثرة ما علاه من التراب
إن كل ساعة تمر عليك لا تذكر فيها الله ستتحسر عليها يوم القيامة
ثم إنك محاسب على هذا العمر
لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس : عن عمره فيما أفناه ؟ وعن شبابه فيما أبلاه ؟ وماله من أين اكتسبه ؟ وفيما أنفقه ؟ وماذا عمل فيما علم ] . ( صحيح )
فسؤال عن العمر عامة وآخر عن الشباب خاصة , فهل عندك جواب ؟؟
فيا مضيعا في السماع الأوقات , البدار البدار قبل الفوات
وآخر يقول قال رسول الله يا حنظلة ساعة وساعة لذلك أنا أسمع الغناء و أؤدي فروض ربي
حين قال رسول الله لحنظلة ساعة وساعة لم يكن يعني ساعة صلاة وساعة غناء
بل ساعة طاعة وساعة فتور إلى مباح ساعة تصلي وساعة تلاعب أولادك وتعلمهم , ساعة تقرأ القرآن وساعة تعالج ضيعتك و تنظر في شئون عملك , فما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بمعصية ولا يبيحها لأصحابه ...
2 – وهل الغناء حرام ؟؟
ويقول قائل الغناء ليس محرم فإن سألته عن الدليل يقول قرأت للشيخ فلان والشيخ فلان أنهم يستمعون إلى الغناء ويقولون بأنه مباح
ولنا هنا وقفات ....
أولا هل الشيخ فلان هذا معصوم ؟؟
بالطبع لا فهو بشر ..
إذن فهل الشيخ فلان حجة على دين الله ؟؟
اعلم أن كل إنسان يحتج لقوله لا بقوله إلا الله ورسوله
ما دليله على أن الغناء حلال ؟؟
هل استمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغناء ؟؟ أو هل استمعه أصحابه ؟؟
فإن قال قائل نعم والدليل هو حديث الجاريتين
فالحديث ليس فيه أي حجة
1- الجاريتان غير مكلفتين
2- الغناء كان بشعر يوم بعاث وهو يوم حرب يعني لم شعرا يتغزل في المفاتن و لا يثير الشهوات
3- أن الآلة الوحيدة المصاحبة لهذا الغناء هي الدف و من المعلوم ان الدف حلال للنساء ضربه في المناسبات
4- كان يوم عيد فجائز لهما فيه الضرب بالدف والغناء
فأين غنائهما من الغناء المنتشر هذه الأيام ؟؟
وقد قال الله " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ "(لقمان:6)
وقد أقسم عبد الله بن مسعود بأن هذه الآية نزلت في الغناء
فأي قول بعد قول الله ؟؟ وأي قول بعد قول ابن مسعود ؟؟
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( فإنهم متفقون - أي الأئمة الأربعة - على تحريم المعازف التي هي آلات اللهو كالعود ونحوه ) ..
وقد حكى الإجماع على تحريم المعازف الإمام القرطبي .. وأبو الطيب الطبري .. وابن الصلاح .. وابن رجب الحنبلي .. وابن القيم .. وابن حجر الهيتمي .. وغيرهم ..
فهل بعد هذه الأقوال من قول في إباحة هذه الآفة.. هل بعد هذه الأقوال من متفلسف يقول لنا :
الغناء قسمان : قسم فيه فجور وخنا وهو حرام .. وقسم يباح إذا لم يكن فيه ذلك ..!!
هل يؤخذ بعد ذلك قول أحد ؟!! إلا أن يكون الدافع إلى ذلك الهوى والشهوة .. وإنا نعوذ بالله من زيغ الهوى .. وتحكم الشهوة ..
والغناء لتحريمه تفصيل فالغناء يتكون من الكلام و الموسيقى والصوت
1 – فأما الكلام فحسنه حسن وقبيحه قبيح يعني إن كان الكلام عن وصف الخدود و الخصور وتهييج الأشواق فهو حرام وإن كان كلاما معتدلا يدعو إلى مكارم الأخلاق وحسن المعاملة والتذكير بالله فهو مباح
هل سمعتم مغنياً غنى يوماً في التحذير من الزنا وشرب المسكرات ؟
أو الأمر بغض البصر والعفة عن الشهوات ؟
أو حفظ أعراض المسلمين ؟!! أو شهود صلاة الجماعة مع المؤمنين ؟
كلا.. ما سمعنا عن شيء من ذلك .. بل يبدأ أغنيته بقوله ..
يا حبيبي .. يا بعد روحي .. ثم يصف الخد والقد .. والعينين والوجنتين .. وهذا ظاهر من أسماء الأغاني نفسها .. فأغنية بعنوان :
آه يا زين .. آخر غرام .. الهوى ما هو كلام ..ليلة حبيبي .. سألت علي بحبها .. يا اهل الهوى .. آه يا ويلي ..
وما تكاد تسمع فيها إلا الحبَّ والغرام.. والعشق والهيام ..
وفي كثير منها محادة لله ولرسوله .. وشرك أكبر وأصغر ..
وتعدٍّ على الرسل الكرام ..
واعتراض على رب العالمين .. واعتداء عليه وعلى ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ ..
وغير ذلك .. مما يردد ويسمع ويذاع ..
فقد لـحَّنوا الكفر الصريح .. في قصيدة الشاعر النصراني الذي يقول :
جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت ** ولقد أبصرت قدامي طريقا فمشيت ** وسأبقى سائراً فيه إن شئت هذا أو أبيت !!
كيف جئت ؟ كيف أبصرت طريقي ؟ لست أدري !!
وتقول قائلتهم : لبست ثوب العيش ولم أستشر .. تعني خلقني ربي وما استشارني !!
كما أنهم يصرحون بعبادة المحبوب ولأجله يعيشون في الدنيا .. بل يقولون إنهم ما خلقوا في هذه الدنيا إلا من أجله .. قال قائلهم .. أو قائلتهم ..
عشت لك وعلشانك .. والله يقول قل إن صلاتي ونسكي ومحيياي ومماتي لله رب العالمين ..
وتجد منهم من يغني تصريحاً بعبادة المحبوب كقول أحدهم : أعشق حبيبي وأعبد حبيبي .. وآخر يقول : أنا أعبدك ..
وقول الآخر: قلت المحبة عندي لو تعلمين عبادة ..
وبعضهم ينافي ويضاد ويكذب على الله يقول : الله أمر .. لعيونك أسهر .. سبحان الله قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله مالا تعلمون ..
أما اعتداؤهم على أنبياء الله ورسله فاسمع إلى قولهم في فراق المحبوب : صبرت صبر أيوب .. وأيوب ما صبر صبري .. اعتداء فاحش على نبي الله الكريم الذي ابتلاه مولاه سنوات طويلة فصبر .. حتى قال الله عنه إنا وجدناه صابراً نِعمَ العبد إنه أواب ..
أما الاعتراض على القضاء والقدر ولوم الرب عز وجل .. فلهم فيها النصيب الأوفر .. يقول قائلهم :
ليه القسوة ؟ ليه الظلم ؟ ليه يا رب ليه ؟
هكذا يتهم الله - تعالى الله - بالقسوة والظلم .. وهذا المغني هو الآن تحت أطباق الثرى .. الله أعلم ماذا يفعل به .. نسأل الله حسن الخاتمة والستر في الدنيا والآخرة ..
ومنهم من يصرح بأنه مستعد للذهاب إلى جهنم مع محبوبته : يا تعيش وإياي في الجنة .. يا أعيش وإياك في النار .. بطلت أصوم وأصلي .. بدّي أعبد سماك .. لجهنم ماني رايح إلا أنا وإياك ..
وآخر يقول :
خذي لك الجنة وعطيني النار .. ما دام هذا كل ما تشتهينه ..
بل حتى منزلة الشهداء .. الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون .. ادعوا الوصول إليها بالغناء ..
كما يقول أحدهم : يا ولدي قد مات شهيداً من مات فداء للمحبوب ..
بل لهم مخالفات في العقيدة .. كقولهم :
قالت والخوف بعينيها .. تتأمل فنجاني المقلوب ..
قالت يا ولدي لا تحزن .. فالحب عليك هو المكتوب ..
اشتمل هذا الكلام على جلوس هذا الفاجر مع امرأة كاهنة مشعوذة تقرأ الفنجان .. وتدعي علم الغيب ..
بل اشتمل على الكذب على الله في أنه كتب الحب على هذا الرجل ..
وفي أغانيهم الاستعانة بغير الله .. ونداء الأموات .. فيقول قائلهم : مدد يا نبي مدد ..
أما الحلف بغير الله فهو كثير .. كقولهم في أغانيهم .. وحياتك .. وحياة عينيك .. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) ..
ويشيع عند المغنين سب الدهر والساعة والزمان والعمر يقولون : الله يلعن اليوم .. ملعونة الساعة .. جابني في زمان غدار .. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تسبوا الدهر ) ..
ثم هم يعتدون على ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ كما قال أحدهم : الفرح مسطر غلط مكتوب .. يعني أن الله الذي كتبه في اللوح المحفوظ غلط ..
وتأمل قول كوكب الشرق :
ما أضيع اليوم الذي مر بي ** من غير أن ( أصلي وأصوم ) ؟ لا ..
من غير أن ( أتقرب إلى الله ) ؟ لا ..
من غير أن أهوى وأن أعشقَ
تتحسر على اليوم الذي يضيع دون هوى أو عشق ..
ومنهم من لم يكفه أن يتغزل بصديقاته الفاجرات .. بل تربص بالطائفات الغافلات وهن محرمات .. فيتغنى بقوله :
قف بالطواف ترى الغزال المحرمَ حج الحجيج وعاد يقصد زمزمَ
فانظر كيف يتعرض لوفد الرحمن بالغزل والمجون .. وبقية أبيات الأغنية فاضحة فاجعة ..
وفي بعض الأغاني استخفاف بالموت والقبر .. فهذا مطرب مشهور يقول في أحد أغنياته :
أوصي أهلي وخلاني حين أموت يضعو في قبري ربابة وعود
بل منهم من يكفر .. فيستهزأ بالقرآن .. ويغني بكلام الرحمن .. ويضرب عليه بمزمار الشيطان ..
كقول أحدهم : حبك سقر .. وما أدراك ما سقر ..
ومنهم من غنى سورة الزلزلة .. ومنهم من غنى سورة الكافرون .. وكل هذا مسجل في أشرطة ..
* * * * * * * * * *
هذا بعض ما يقال ..
لقد اعتدى هؤلاء المغنون على الشريعة وما أبقوا عزيزاً إلا أذلوه ..
ولا غاليا إلا لطخوه ..
أصلاً .. لو تأملتم من كتب كلمات هذه الأغاني .. ابن تيمية .. ابن القيم .. ابن باز ..
كتب كلماتها في الغالب شاعر فاجر .. إما عاشق ماجن .. أو فاسق خائن .. أو ضال لا يسجد لله سجدة ..
أو قد يكتب الكلمات نصراني .. ويلحنها يهودي .. ويعزف لها بوذي .. ويغنيها فاجر أو فاجرة ..
وإن شئت فانظر إلى أشرطة الغناء ..
واقرأ أسماء المغنين .. ستجد من بينهم نصارى .. سواء من نصارى العرب أو غيرهم .. وستجد لا دينيين .. وستجد فجرة كفرة .. لا يصلون ولا يعظمون الدين ..
2- والموسيقى وآلات العزف كلها حرام لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف .... الحديث
فمعنى يستحلون أي أنها كانت حراما فاستحلوها ..
فآلات العزف كلها حرام إلا الدف للنساء
وقد رأينا بعض مما يدعون أنه أناشيد إسلامية بها من المعازف المنهي عنها الشيء الكثير بدعوى اتساع الفقه الإسلامي ..
والله ما اتسع ولكنهم ميعوه ليوافق أهوائهم فتتبعوا ذلة كل عالم ليبيحوا لأنفسهم ما حرمه الله ورسوله نسأل الله السلامة ..
3- الصوت ولا يجوز بحال من الأحوال للرجل الأجنبي سماع صوت المغنية الأجنبية
والعجب العجاب أنه لايجوز للمرأة قراءة القرآن بصوت مرتفع في حضور الرجال ثم يقال يجوز سماعها تغني !!!!
وإن كان المغني رجلا فهو مباح
الخلاصة
الغناء يكون من رجل بكلام لا يدعو للفاحشة وتهييج الشهوات وبدون موسيقى
تحذير العلماء من الغناء
في المسند : أن ابن عمر أنه خرج يوماً في حاجة .. فمر بطريق فسمع زمارة راعٍ وضع إصبعيه في أذنيه حتى جاوزه ..
فقل لي - بالله – أزمارة راع أولى بالتحريم والترك .. أم هذا الغناء الذي يتغنج فيه المطرب والمطربة .. فيفتن القلوب .. ويشغل الأرواح عن علام الغيوب ..
وقال عمر بن عبد العزيز لأبنائه : احذركم الغناء .. أحذركم الغناء .. أحذركم الغناء .. فما استمعه عبد إلا أنساه الله القرآن ..
وكتب إلى مؤدب ولده : ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغضَ الملاهي التي بدؤها من الشيطان .. وعاقبتها سخط الرحمن .. فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم أن صوت المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشب على الماء ..
وجاء رجل إلى بن عباس رضي الله عنهما .. فقال :
أرأيت الغناء أحلال هو أم حرام؟
رجل يسأل عن غناء الأعراب الذي ليس فيه معازف .. وليس فيه تصوير .. ولا فيديو كليب .. ولا لباس عارٍ .. ولا قصات فاتنة .. ورقصات ماجنة ..
غناء الأعراب في البوادي .. حلال أم حرام .. يا ابن عباس ..
فقال ابن عباس .. أرأيت الحق والباطل .. إذا جاءا يوم القيامة فأين يكون الغناء ؟
قال الرجل: يكون مع الباطل .. قال ابن عباس: فماذا بعد الحق إلا الضلال .. اذهب فقد أفتيت نفسك ..
أما أبو بكر رضي الله عنه .. فكان يسمي الغناء مزمار الشيطان..
وقال عمر بن عبد العزيز : الغناء مبدؤه من الشيطان وعاقبته سخط الرحمن ..
نعم كيف لا ..
وهو يحرك النفوس إلى كل قبيح ..ويسوقها إلى وصل كل مليحة ومليح .
فهو والخمررضيعا لبان .. وهما في القبائح فرسا رهان ..
فإذا سمعه أحد قل حياؤه وفرح به شيطانه .. واشتكى إلى الله إيمانه .. وثقل عليه قرآنه ..
وتراه يميل برأسه .. ويهز بمنكبه ..
ويضرب الأرض برجليه .. ويصفق بيديه ..
وتارة يتأوه تأوه الحزين .. وتارة يصرخ كالمجانين ..
كما قال أحدهم لصاحبه ..
أتذكر ليلة وقد اجتمعنا * على طيب الغناء إلى الصباح
ودارت بيننا كأس الأغاني * فأسكرت النفوس بغير راح
فلم تر فيهم إلا سكارى * سرورا والسرور هناك صاحي
إذا نادى أخو اللذات فيه * أجاب اللهو : حيَّ على السفاح
ولـم نملك سوى المهجات شيئاً * أرقناها لألحاظ المـلاح
وقد قال يزيد بن الوليد: يا بني أمية .. إياكم والغناء .. فإنه يذهب الحياء .. ويزيد الشهوة .. ويهدم المروءة .. وإنه لينوب عن الخمر .. ويفعل ما يفعل السكر .. فإن كنتم لابد فاعلين .. فجنبوه النساء .. فإن الغناء داعية الزنا ..
وسمع سليمان بن عبدالملك صوت غناء .. فغضب وأحضر المغنيين .. وقال: إن الفرس ليصهل فتستودق له الرمكة .. ( يعني إن الذكر من الخيل يصهل فتسمعه الأنثى فتستعد للوطء ) ..
وإن الفحل ليهدر فتضبع له الناقة ..
وإن التيس لينبّ فتستحرم له العنز ..
وإن الرجل ليتغنى فتشتاق له المرأة .. ثم أمر بخصائهم .. ليحمي منهم النساء ..
وقال بعض السلف : الغناء يورث النفاق في قوم .. والعناد في قوم .. والكذب في قوم .. والخبث في قوم .. والرقة ( أي الميوعة ) في قوم ..
قال معمر بن المثنى : رحل الحطيئة الشاعر مع بناته .. فجاور قومًا من بني كلب ..
فخافوا أن يرى منهم شيئاً يكرهه فيهجوهم .. فأتوه فقالوا :
يا أبا مُليكة إنه قد عظم حقك علينا .. بتخطيك القذى إلينا .. فمُرنا بما تحبه فنأتيه .. ومرنا بما تكرهه فننهيه ..
فقال : لا تأتوني كثيرًا فتُمِلوني .. ولا تسمعوني أغاني شبيباتكم فإن الغناء رقية الزنا .. وإن ههنا بُنيّات ..
وكان مشهوراً عند العرب .. أن الرجل إذا أراد امرأة على الفاحشة فأبت .. اجتهد أن يُسمعها صوت الغناء فإن سمعت المرأة صوت الغناء لانت وهانت عليها الفاحشة ..
وقد نقل الإمام ابن القيم في كتابه إغاثة اللهفان فصل الغناء ما يلي بتصرف
سئل مالك رحمه الله عما يرخص فيه أهل المدين من الغناء ؟ فقال : إنما يفعله عندنا الفساق
وأبو حنيفة يجعل الغناء من الذنوب وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف حتى الضرب بالقضيب ( فكيف بآلات اليوم ؟؟؟ )
بل بالغ أصحابه في النهي عن السماع فقالوا : سماع الأغاني فسق والتلذذ بها كفر .. وروو في ذلك حديثالا يصح رفعه .
وكذلك مذهب أهل الكوفة كسفيان وحماد وإبراهيم والشعبي وغيرهم ولا خلاف بينهم في ذلك ولا نعلم خلافا أيضا بين أهل البصرة في المنع منه .
وقال الشافعي الغناء لهو مكروه يشبه الباطل والمحال ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته
وصرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه
أما إمام أهل السنة الإمام أحمد ابن حنبل فقال عبد الله ابنه سألت أبي عن الغناء ؟ فقال الغناء ينبت النفاق في القلب لا يعجبني ثم ذكر قول مالك " إنما يفعله عندنا الفساق
فهؤلاء أئمة المذاهب الأربعة مجتمعون على تحريمه وكما سمعت من الشيخ أبو إسحاق الحويني
لا يوجد عالم واحد ممن تدور عليهم الفتوى أفتى بحل الغناء إلا الإمام ابن حزم وقد رد عليه العلماء
فهل بعد كل هذا الكلام تشك في أن الغناء حرام ؟؟
لقد قال الشافعي عن صاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها " هو سفيه ترد شهادته " وقال " هو دياثة فمن فعل ذلك كان ديوثا "والديوث هو الذي يرى الفاحشة في أهله ولا يغار
فما هو الدليل بعد ذلك على أن الغناء مباح ؟؟
إن المسألة لا يسعها خلاف فهي بين حلال وحرام والحق واحد ...
من أسماء الغناء
اللهو واللغو والباطل والزور والمكاء والتصدية ورقية الزنا وقرآن الشيطان ومنبت النفاق في القلب والصوت الأحمق والصوت الفاجر وصوت الشيطان ومزمور الشيطان والسمود
أسماءه دلت على أوصافه ****** تبا لذي الأسماء والأوصاف
مفاسد الغناء
1 - تضييع الوقت
2 - قسوة القلب
3- اللهو والغفلة عن كتاب الله
4 - تهييج الشهوات
5 - الحث على الفواحش
6 - ينبت النفاق في القلب
7- استحقاق العقوبة وهي المسخ
8 - خروج القرآن من القلب
9 - معصية الله ورسوله
10 - اتباع خطوات الشيطان
وما أكثر مفاسده إن عدت نسأل الله السلامة
ذكر ابن قدامة في التوابين .. أن رجلاً عابداً .. مر يوماً ببيتٍ فسمع جارية تغني من داخل البيت .. فوسوس له الشيطان .. فبطأ خطاه ليسمع
فرآه صاحب الدار .. فخرج إليه وقال : هل لك أن تدخل فتسمع ؟
فتأبى عليه .. فلم يزل به حتى تسمح وقال : أقعدني في موضع لا أراها ولا تراني ..
فقال صاحب الدار : أجعل بينكما ستراً ..
فدخل وجلس خلف الستر .. فتغنت وتغنجت وتأوهت فأعجبته .. واشتاق إليها ..
فقال صاحب الدار : هل أكشف الستر ؟ قال : لا ..
فلم يزل به .. حتى كشفه فرآها .. فاجتمعت فتنة السمع والبصر ..
فلم يزل يسمع غناءها حتى شغفت به وشغف بها .. وأصبح في كل يوم يستمع إليها .. وافتضح أمره وأمرها .. فلما تمكن الشيطان منهما .. قالت له يوماً :
أنا والله أحبك .. قال : وأنا أحبك .. فدعته إلى الفاحشة .. وقالت : ما يمنعك ؟ فوالله إن الموضع لخال ..
فانتفض وقال : بلى ولكن لا آمن أن أفاجأ بالقضا .. ثم بجمر كالغضا .. ثم بسياط وزقوم .. وتهويل ورجوم .. ثم نهض من عندها .. وعيناه تذرفان .. فلم يرجع بعد إليها ..
فانظر كيف كاد أن يهلكه الشيطان .. بسماع العزف والألحان ..
وكم من شاب تعلق قلبه بمغنية فاجرة .. يهتز فؤاده .. كلما سمع صوتها أو رأى صورتها ..
وكم من فتاة عفيفة ..سمعت مطرباً فاجراً ..فاشتاقت إلى صوته وصورته..
فلا تعجب إذا رأيته أو رأيتها .. قد يعلقون الصور .. ويجمعون الأشرطة .. والقلب يهوى ويتمنى ..
فيا من يرى سقمي يزيد وعلتي أعيت طبيبي
لا تعجبن فهكذا يجني الغناء على القلوب
ومن عِظَمِ خطر الغناء .. توعد النبي عليه السلام .. سُمّاع المعازف بالمسخ والقذف ..فروى الترمذي بسند حسن .. أنه صلى الله عليه وسلم : ( يكون في أمتي خسفٌ وقذفٌ ومسخ ) قيل: يا رسول الله .. متى ؟ قال : ( إذا ظهرت القينات والمعازف واستحلت الخمر ) ..
وقال صلى الله عليه وسلم : ( ليكونن من أمتي أقوام يشربون الخمر ويعزف على رءوسهم بالقيان يمسخهم الله تعالى قردة وخنازير ) ..
والقِيان جمع قَينة .. وهي المرأة المغنية ..
نعم .. سيعاقب الله هذه الأمة .. بما عاقب به الأمم من قبلنا ..
أن يخسف الله بهم الأرض .. أو يمسخهم قردةً وخنازير .. أو تنزل عليهم حجارةٌ من السماء .. بسوء أعمالهم ..
فمتى يكون ذلك ؟! يكون إذا ظهرت المعازف .. وانتشرت وكثرت ..
وهاهي آلات المعازف لا تكاد تحصى عدداً .. بل هاهي مدارس العزف والموسيقى ..
تنتشر في كثير من بلاد الإسلام ..
وهاهن المغنيات .. المائلات المميلات .. يحركن الشهوات ..
بل هاهم الأعداء يفتكون بأرواح الثكالى .. ويعبثون بأعراض العذارى ..
وفريق من قومنا في لهوه وطربه .. لا يجاهد مع مجاهدين .. ولا يهتم بأمر المسلمين ..
العزف والرقص والمزمار عدتنا ** والخصم عدته علم وآلات
تقود أمتنا في الحرب غانية ** والجيش في الحرب قد ألهته مغناة
كم بددوا المال هدرا في مباذلهم ** وفي ليالي الخنا ضاعت مروءات
فبعد كل هذا إن كنت مازلت مصمما على رأيك من السماع فأنت وما تريد
ولكن أذكرك
"وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ " (البقرة:281)
فإنك ستسأل أمام الله عن الكبير والصغير عن النقير و القطمير فأعد للسؤال جوابا صوابا
(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) (آل عمران:30)
فإن كنت تريد الآخرة فامتثل لأمر الله ونهيه وتب وأحسن فيما بقى يغفر لك ما قد سلف
(فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المائدة:39)